أثارت إقالة وزيري الطاقة والمالية من منصبيهما عقب التعديل الحكومي الأخير، تساؤلات جمة فيما إذا كانت الحكومة قلقة فعلا من
الانعكاسات المتزايدة لانهيار أسعار النفط على الاقتصاد الوطني، وهل مؤشر الخطر بات قريبا من دق الناقوس. يؤكد الخبراء أن الوزارتين هما
مفتاح الاقتصاد في الجزائر حيث إن قطاع الطاقة يوفر 60 ٪من الميزانية، فضلا عن 95 ٪من العائدات من العملة الصعبة، إلا أن تأثير تراجع
الثلاثة الأولى من السنة الجارية، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2015 ،حيث تم تسجيل 5,5 مليارات دولار مقابل 1,9 مليارات دولار، حسب أسعار النفط في السوق الدولية أثر بشكل واضح على القدرات المالية للبلاد، إذ إن مداخيل النفط تراجعت بنسبة 39 بالمائة خلال الأشهر
بيانات اقتصادية نشرتها وكالات متخصصة عقب الإعلان عن التعديل الحكومي.
مقابل الوضع المقلق للغاية في قطاع الطاقة، يخشى الجزائريون انعكاسات محتملة لرؤية الوزير الجديد على أسعار الكهرباء والغاز مثلا،
فالمدير العام السابق لسونلغاز ظل من المطالبين برفع فاتورة الكهرباء، مرتكزا على أرقام كشفت عن تضاعف استهلاك الطاقة ثلاث مرات
خلال السنوات العشر الأخيرة، ليصل الى 58 مليون طن تعادل النفط في 2015 مقابل 17 مليونا في 2005 ،حسب ما نشرت اليوم وكالة
الأنباء الفرنسية في تقرير لها بشأن رؤية الطاقة الجديد.
وفي القطاع المالي الذي أسندت مهامه إلى أحد إطاراته المعروفين، فإن الوزير الجديد أمام رهان كبير يتعلق على سبيل المثال باستقطاب
الكتلة المالية الموازية التي فشل سلفه في استعادتها من السوق السوداء والمقدرة بنحو 37 ألف مليار دينار أي ما يعادل 37 مليار دولار.
ورغم التحفيزات والحملة التحسيسية التي أطلقتها وزارة المالية مطلع العام الجديد على مستوى كافة ولايات الوطن فإن حسابات الوزير
السابق لم ترق نتائجها إلى التطلعات بامتصاص المال الخارج عن نطاق الرقابة. ومع ما كاله زعيم الأفلان لمحافظ بنك الجزائر من اتهامات
وانتقادات أطاحت برأسه، فإن المحافظ الجديد هو الآخر أمام رهان استقرار الدينار الذي عرف سقوطا حرا منذ أن بدأت قيمة الدولار في الصعود
بالأسواق العالمية. معطيات عدة تثير قلق المواطن قبل الحكومة، باعتبار أن كافة تداعيات الأزمة الاقتصادية سيدفع جزءا كبيرا من انعكاساتها
على القدرة الشرائية وعلى مستوى الأسعار، والتدابير التقشفية التي تجعل منه أسير أزمة، مازالت الحكومة تبحث في آليات وطرق تجاوزها
بتكاليف أقل.
الجزائر التي عاشت أزمة حادة وإجراءات مؤلمة بدأت مع منتصف الثمانينيات وانتهت مع نهاية التسعينيات، تخشى أيضا أن تعود إلى زمن
الإملاءات المالية والتدابير الاقتصادية المؤلمة التي يمليها البنك الدولي على البلدان التي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا، وعلى الرغم من أن
الحكومة مازالت تؤكد أنها لن تلجأ إلى تدابير اقتصادية تمس بمكتسبات الجبهة الاجتماعية، فإن إلغاء التقاعد المسبق يعتبر واحدا من مظاهر
الانجرار نحو تلك التدابير التي قد تؤثر بشكل مباشر على مستوى وحالة الجبهة الاجتماعية الهشة في بلادنا، وتلك أولى خطوة نحو
الإجراءات السالفة الذكر.
الاثنين، 13 يونيو 2016
- Blogger Comments
- Facebook Comments
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 blogger-facebook:
إرسال تعليق